**منتديات رحاب الإيمان**
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

**منتديات رحاب الإيمان**

أحــلى أحــلى الــمــنــتــديــات
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ارضوا والديكم قبل ما تندموا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
Admin
المدير العام


ذكر عدد الرسائل : 147
المزاج : رايق على الآخر
تاريخ التسجيل : 28/07/2008

ارضوا والديكم قبل ما تندموا Empty
مُساهمةموضوع: ارضوا والديكم قبل ما تندموا   ارضوا والديكم قبل ما تندموا Icon_minitimeالثلاثاء يوليو 29, 2008 3:53 am


--------------------------------------------------------------------------------

جاءني يبكي بحرارة شديدة ودموع الحزن والألم تنساب من عينيه‏,‏ ثم تماسك للحظات
ليخبرني أن والدته غادرت عالمنا إلي دار الحق‏,‏ فهدأت من روعه‏,‏ وذكرته بأن
الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذه الدنيا هي الموت‏,‏ وأنه حق علينا جميعا‏,‏
فقال أنا لا أبكي لوفاتها برغم لوعة الفراق‏,‏ ولكني أكاد أموت كمدا لأني لم
أكن بارا بها‏,‏ كما يجب وأحيانا كنت أقصر في حقها وأشعر بأنها كانت سندي
الوحيد في هذه الدنيا‏,‏ وأن الدنيا بعد غيابها أدارت لي ظهرها‏,‏ واستمر يحكي
أنها منذ نحو عشر سنوات ـ وكانت حينئذ في الستين من عمرها ـ أصيبت بمرض عضال
حرمها من أن تحيا حياة طبيعية‏,‏ وبرغم ذلك فإن ابتسامة الرضا بقضاء الله وقدره
لم تفارق أبدا وجهها‏,‏ وكان يتردد عليها من آن لآخر‏,‏ وكثيرا ما شغلته هموم
العمل والدنيا عن السؤال عنها‏,‏ فكان يغيب عنها‏,‏ أسابيع طويلة برغم أنه
الوحيد الذي بقي لها في الدنيا بعد رحيل الزوج والأهل والأحباب‏,‏ ووضع يديه
علي عينيه متحسرا‏,‏ وقال إنه أودعها بيديه هاتين في إحدي دور المسنين فلم ترفض
أو تعترض‏,‏ ولم تغب أبدا ابتسامتها‏,‏ بل إنها كانت تطمئن عليه من كل زوار
زملائها في الدار دون أن تثقل عليه يوما بطلب زيارتها أو السؤال عنها‏!!‏ ونسي
مع مرور الوقت أن يدفع مصروفات إقامتها في دار المسنين فغادرتها إلي بيتها دون
أن ترسل له أو تسأله أن يدفعها‏,‏ ربما اعتقادا منها أنه عجز عن سدادها لضيق
ذات اليد‏.‏
وذات ليلة دق جرس التليفون في مكتبه في الإسكندرية ليجد علي الطرف الآخر أحد
جيران والدته يبلغه أن والدته قلقة عليه‏,‏ وتريد فقط أن تطمئن أنه بخير وفي
أحسن حال‏,‏ وأحس بقلبه ينقبض‏,‏ وشعر بأن والدته في خطر فترك مكتبه عائدا في
سرعة الريح إلي القاهرة‏,‏ وتوجه علي الفور إلي حيث تقيم في أحد أحياء مصر
القديمة‏,‏ ودق جرس الباب فلم يرد أحد‏,‏ ولكنه سمع أنينا خافتا ينبعث من
الداخل فقفز من السور الخلفي للمنزل‏,‏ ودخل إلي حجرة والدته ليجدها منكفئة علي
وجهها ودموعها تبلل كتاب الله الذي سقط من يدها‏,‏ ووقف أمامها جامدا للحظات من
هول المفاجأة‏,‏ وأفاق بسرعة من غيبوبته ليمد يده إلي رأسها يرفعها ليري وجهها
فوجد نفس ابتسامة الرضا التي تعود أن يراها‏,‏ وما إن رأته حتي شهقت بصعوبة
بالغة‏,‏ وقالت‏:‏ ولدي‏,‏ ثم فارقت الحياة فانهار ساجدا إلي جوارها يقبل يديها
ورجليها طالبا الصفح والمغفرة‏.‏
ربت علي كتف صديقي مواسيا له في محنته وساد بيننا صمت كسواد الليل‏,‏ قطعه صوت
المؤذن يرفع آذان صلاة العشاء فدعوته للصلاة والدعاء لوالدته بالرحمة
والمغفرة‏,‏ وانتهينا من الصلاة ورأيته يسجد طويلا وهو يبكي بحرقة ويهذي بكلمات
تمزق نياط القلوب‏,‏ وتركته ساجدا يغسل بدموعه آثار ماض يعذبه‏,‏ بسبب تقصيره
في حق والدته التي كانت ـ كما يقول ـ مثالا للحنان والحب والعطاء بلا حدود وبلا
انتظار لأي مقابل حتي ولو كان كلمة شكر أو عرفان‏.‏

فيا أيها الأبناء عودوا إلي آبائكم وأمهاتكم الآن فقبلوا أيديهم وأرجلهم ودعوهم
يضمونكم إلي أحضانهم فهذا هو زادهم وأقصي آمالهم وأحلامهم‏,‏ وهم في ربيع
العمر‏.‏
وافعلوا ذلك الآن‏,‏ وليس غدا قبل ن تضيع الفرصة‏,‏ ويأتي يوم لا ينفع فيه
الندم‏!!.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://naseem.ahlamontada.com
 
ارضوا والديكم قبل ما تندموا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
**منتديات رحاب الإيمان** :: المنتديات الأدبية :: منتدى القصص والروايات-
انتقل الى: